وحوش الاحتلال والتّكفير

وحوش الاحتلال والتّكفير*

"العقيدة النّوويّة
الأمريكيّة"

وحوش الاحتلال
والتّكفير
تلفّ التّفجيرات الدّامية مناطق واسعةً في العالم الإسلاميّ، في
مشاهد وحشيّة توحي بأنّ وحوش الاحتلال والتّكفير لا تزال عازمةً على ملاحقة
المدنيّين في أرواحهم وممتلكاتهم، لتحقيق أهداف سياسيّة وأمنيّة
خبيثة.
فالعراق الّذي خرج قبل أيام من تجربة انتخابية صعبة، أُريد له أن
يدخل مجدداً في أتون التفجيرات الوحشية، حيث وصل الأمر بالجهات المعتدية إلى اعتماد
أسلوب جديد، يقوم على تفجير المباني السّكنيّة بقاطنيها، في واحدةٍ من أبشع الجرائم
الّتي لا يمكن لمقاومةٍ تحترم نفسها وشعبها أن تدّعي الوقوف وراءها، فيما يقهقه
الاحتلال الّذي يمسك بخيوط اللّعبة من بعيد، ويستريح في قواعده واحتلاله بعيداً عن
حالات الضّغط والملاحقة والمقاومة.
إنّ ما يشهده العراق في هذه الأيّام، يمثّل
القمَّة في الجريمة الّتي تعمل جهات معتدية على تعميقها وتركيزها داخل المجتمع
العراقيّ؛ بما يؤسّس للفتنة التي استطاع الشعب العراقي تجاوزها. ونحن نلمح في هذه
الأعمال الوحشيّة حركةً أمنيّةً وسياسيّةً تتّصل بالاحتلال وبجهاتٍ تكفيريّة تخدم
مصالحه ومصالح مَن يرتبط به، ممن لا يريدون للعراق أن يقوم كدولة حرّة مستقلة. كما
أنّ هؤلاء يعملون ـ بطريقة وبأخرى ـ على خدمة العدوّ الصهيوني، في ظلّ السعي الدؤوب
لإراحة هذا العدوّ، وتخفيف الضّغط عنه سياسياً وأمنياً وإعلامياً، وعلى جميع
المستويات.

مواجهة الإرهاب
إنّنا في الوقت الّذي نؤكّد
على الشّعب العراقيّ ضرورة الحفاظ على وحدته وتماسكه، وعدم الخضوع للقتلة وأهدافهم،
نسأل الجهات المعنيّة على المستوى العلمائيّ، وفي الأمّة كلّها، عن السّبب في هذا
الصّمت المريب، وقول كلمة الحقّ في مواجهة هؤلاء الّذين يمثّلون النموذج الأخطر
للجريمة في الأمّة، إلى جانب الاحتلال ورموزه
وأدواته.
ثمن الاحتلال الأمريكي لأفغانستان
وفي باكستان، يتكرّر المشهد
نفسه، في عنفٍ دامٍ استولده الاحتلال الأمريكيّ والأطلسي لأفغانستان، وأراد
لباكستان أن تدفع الأثمان باهظةً من دماء شعبها وأبريائها، تحت عنوان ملاحقة
الإرهاب، في الوقت الذي يواصل هذا الاحتلال ملاحقته لعوائل الفقراء والفلاّحين
والعمّال الّذين يستهدفهم بطائراته في أفغانستان، فيقتل عائلاتٍ بأكملها، ثم ما
يلبث أن يعلن عن أخطاءٍ حصلت، وهي الأخطاء التي تتوالى منذ حصل الغزو؛ ليعيث فساداً
في تلك البلاد الّتي لم يتوانَ رئيسُها عن التّصريح مؤخّراً بأنّ ثمة عمليّات تزوير
واسعة النطاق حدثت في الانتخابات الأفغانيّة من خلال تدخّل الأجانب. كلّ ذلك في
وقتٍ تُرسل الإدارة الأمريكيّة مبعوثيها إلى السّودان وغيره من الدّول لمراقبة
الانتخابات القادمة. ونحن نتساءل: كيف يمكن لمن يمارس الفساد أن يحاضر في الإصلاح
أو أن يكون الدّليل إليه؟!

معالجة ظاهرة
الإرهاب
إنّنا نشعر بخطورة ما يجري في العالم الإسلاميّ من عمليّات تفجيرٍ
فاقت كلّ التصوّرات في وحشيّتها، وندرك أنّ الاحتلال والإرهاب الإسرائيليّ
والأمريكيّ هما السّبب الرّئيس لها، ولكنّنا ندعو علماء الأمّة وطلائعها الفكريّة
والعلميّة، إلى التحرّك لمعالجة هذه الظّاهرة في حيثيّاتها الداخليّة، إلى جانب
السّعي لتحرير الأمّة من وحش الاحتلال والهيمنة الرّابض على صدرها، والممسك
بقراراتها المصيريّة والاستراتيجيّة.
فلسطين في قبضة
الاستيطان
وعلينا أن لا نغفل ـ أمام هذا الواقع الدّامي ـ عن رصد المخاطر
الكبرى التي يتعرّض لها الشّعب الفلسطيني، وعن القضيّة الفلسطينيّة التي يُراد
لفلفتها والانتهاء منها، بعدما أصبح الاحتلال يسيطر على أكثر من 85% من مساحة
فلسطين التاريخيّة، وبعدما أصبحت أراضي الضفّة الغربيّة في قبضة الاستيطان
والمصادرة، وبات حلم الدولة الفلسطينيّة وهماً يطارده الفلسطينيّون في الصّالونات
السياسيّة الرّسميّة العربيّة الّتي لا همّ لها إلا التحرّر من فلسطين، وقد بدأ
الحديث يتوالى عن تواقيع عربيّة على وثائق أمريكيّة تتضمّن توطين الفلسطينيّين في
البلاد العربيّة، وكذلك في عددٍ من البلدان الغربيّة، وعلى رأسها كندا
وأستراليا.

"العقيدة النّوويّة
الأمريكيّة"
وإنّنا أمام إعلان الإدارة الأمريكيّة عن عقيدتها النوويّة الجديدة
الّتي استثنت فيها إيران وكوريا الشّمالية من مسألة استخدام السّلاح النوويّ
ضدّهما، نشعر بأنّ هذه الإدارة تبعث برسائل تضامن جديدة للعدوّ الصّهيونيّ بقدر ما
تنسحب من التزاماتها السّابقة بالعمل على إيجاد عالم خالٍ من الأسلحة النوويّة، وهو
الأمر الذي يرسم علامات استفهام جديدة حول عنوان التّغيير الذي لوّح به الرّئيس
أوباما؛ ليبرز تغييراً لحساب الالتزام أكثر بالعدوّ وبأمنه وشروطه، وهو ما ينبغي
للأمّة كلّها أن تتصدى له بمختلف الطرق
المشروعة.

لبنان: أزمة أمنيّة
ومعيشيّة
أمّا لبنان، الّذي تتوالى فيه فصول الاختراق الأمريكيّ والإسرائيليّ،
في معاهداتٍ واتفاقيّاتٍ تظهر مَلاحِقها يوماً بعد يوم، وفي شبكاتٍ تجسّسيّةٍ
تُكشَف مجدّداً، فقد غابت قضايا النّاس فيه، في ظلّ الارتفاع الجنونيّ لأسعار
المحروقات، وعودة مشكلة الكهرباء للتّعبير عن نفسها بطريقةٍ
صعبة.
إنّنا نقول للمسؤولين جميعاً: تحسّسوا مسؤوليّاتكم في قضايا النّاس
قبل أن يسقط الهيكل على رؤوسكم، ويسقط البلد في أمنه الاجتماعي والاقتصادي لحساب
العدوّ وقوى الهيمنة والاستكبار العالميّ.


خطبتي
الجمعة
(الجمعة 24 ربيع
الثاني 1431 هـ/ 09 نيسان ـ أبريل 2010م)
انقر لقرأءة الخطبة...

*ألقى سماحة السيّد علي فضل الله، خطبتي صلاة
الجمعة، نيابةً عن سماحة العلامة المرجع، السيّد محمّد حسين فضل الله، من على منبر
مسجد الإمامين الحسنين(ع) في حارة حريك، بحضور عددٍ من الشخصيّات العلمائيّة
والسياسيّة والاجتماعيّة، وحشدٍ من المؤمنين.